admin Admin
عدد المساهمات : 447 تاريخ التسجيل : 01/10/2009 العمر : 46 الموقع : http:\\matar.lifeme.net
| موضوع: صناعة النورة والفخار في الماضي الخميس أبريل 28, 2011 3:39 pm | |
| صناعة النورة والفخار في الماضي
د. أحمد عبدالقادر المهندس
كنت أقرأ في كتاب "ولاية اليمامة - دراسة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية حتى نهاية القرن الثالث الهجري" وهو كتاب قيم ومهم جداً لمؤلفه الدكتور صالح بن سليمان الناصر الوشمي - رحمه الله -. والكتاب أساساً رسالة تقدم بها المؤلف لقسم التاريخ والحضارة بكلية العلوم الاجتماعية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للحصول على درجة الدكتوراه باشراف الأخ الكريم الدكتور محمد بن مسفر الزهراني.
وليس هذا مجال استعراض لهذا الكتاب القيم، لكن الكتاب تحدث عن موضوع مهم في بعض أجزائه عن الصناعات والحرف في ولاية اليمامة، ومنها حرفة البناء، وهي البناء بالطين والحجارة قديماً.
وقد أشار إلى ذلك الشاعر الشهير الأعشى الذي قال في ذلك:
فأضحت كبنيان التهامي شاده
بطين وجيار وكلس وقرمد
وتدل على أدوات البناء المعروفة، ليس في منطقة اليمامة فقط، بل ربما في مناطق مختلفة من شبه الجزيرة العربية في ذلك العهد.
والجيار والكلس والقرمد تدل في اعتقادي على أحجار الجير والطوب الأحمر التي عرفها الناس في شبه الجزيرة العربية منذ زمن بعيد.
واستمرت صناعة مواد البناء المحلية إلى فترة قريبة، ولم يبق منها حالياً غير صناعة الطوب الأحمر.
وفي المدينة المنورة كانت صناعة مواد البناء، وخاصة النورة والطوب الأحمر مزدهرة بشكل كبير. والنورة من المواد الرئيسة التي كان يعتمد عليها النوَّار في جميع أعماله. ولم تكن هذه المادة تستورد من الخارج، ولذلك فقد كانت تصنع من خلال أحجار الجير والتربة الجيرية الموجودة في أرض المدينة المنورة. والنورة عبارة عن هيدروكسيد الكالسيوم بعد حرق الجير واطفائه بالماء، وهي مسحوق أبيض يستعمل في المونة والطلاء.
وقد انشئت مصانع النورة والطوب الأحمر أو الآجر من أجل تزويد النوارة باحتياجاتهم من النورة، وتزويد البنائين بالطوب المحروق. من أشهر أصحاب مصانع النورة بالمدينة المنورة قبل أكثر من ثمانين عاماً الشقيقان الشيخ حمزة عبدرب الرسول والشيخ عبدالعزيز عبدرب الرسول رحمهما الله.
كان من عادة أهل المدينة المنورة في الماضي الاهتمام ببيوتهم وخاصة اثناء العيد، حيث إنهم كانوا يطلون بيوتهم بالنورة في كل عام قبل شهر رمضان وعيد الفطر المبارك كان يقوم بعملية التلييس والتبييض بالنورة طائفة يطلق عليهم طائفة النوارة، كما كانوا يقومون بعمل الطباطيب أي البلاط للغرف والأماكن التي تستخدم فيها المياه.. ونظراً لعدم وجود الأسمنت في تلك الفترة، فقد كان النوّار يستخدم النورة المضروبة، وهي النورة التي تخمر من الليل وتضرب بعد ذلك بأخشاب قوية ملساء حتى تصبح مثل العجينة.. متماسكة وقوية.. مثل البلاط لا يتسرب منها الماء.
ومن أشهر أفراد تلك الطائفة آنذاك الشيخ عبدالرحمن نوّار والشيخ عباس فارسي، والشيخ ابراهيم المغربي والشيخ مصلح بدر الحيدري رحمهم الله جميعاً.
تلك كانت صورة بعيدة.. وقريبة.. من الماضي القريب الذي يدل على أن بذور كثير من الصناعات موجودة في بلادنا وأن الإنسان في هذه الأرض الطيبة يستطيع أن يبدع وأن يطوّع البيئة من أجل مستقبل مشرق للجميع..
والله ولي التوفيق. | |
|